سطور في قانون الأحوال الشخصية
تابعت خلال الفترة القليلة الماضية ردود فعل واسعة حول التعديلات المقترحة لقانون الأحوال الشخصية والتي يتم تداولها. فقانون الأسرة ينظم مسائل في غاية الخصوصية والحساسية للأسرة التي هي نواة المجتمع المصري ومكون أساسي من مكوناته، لذا فإن قوانين الأحوال الشخصية حول العالم شديدة الأهمية والتعقيد في نفس الوقت. ونظرًا لأن القانون الحالي وضعت نصوصه منذ قرابة قرن من الزمان (1929)، ويعود آخر تعديل لنصوصه لأكثر من ثلاثة عقود مضت (30 عامًا)، طرأت العديد من التطورات على المجتمع المصري مختلف الأصعدة، وبالتالي فإن هذا التغيير يتطلب وجود غطاء تشريعي يتناسب مع حجمه، كما أن المشاكل الاسرية اختلفت مع التطور الفكري والتكنولوجي والاقتصادي مع التأكيد على المكون المجتمعي وتحول شكل الأسرة من الأسرة الممتدة إلى الأسرة النووية. الأمر الذي دفعني لأفكر في المشهد وما تحتاجه الاسرة في الوقت الراهن، فيلاحظ على جميع التعديلات المقترحة أن هناك أمرًا إيجابيًا يخص انتقال ترتيب الحضانة للأب من المرتبة (16) إلى المرتبة (4)، هذا تطور جيد يجب الأعتراف بأهميته وتأثيره الإيجابي على الأبناء، واستقراراهم، ولكن في المقابل لم يتم وضع بعض الأبعاد المتعلقة بحقوق المرأة والأولاد سواء أكانت مادية أو معنوية وهذا بالطبع يؤثر على مكونات الأسرة (الابناء- الآباء) في الاعتبار. أولها إغفال التعديلات المقترحة عن تمكين المرأة في مختلف المجالات وضرورة أن ينعكس هذا الاتجاه على التعديلات المقترحة. وثانيها عدم تطرق التعديلات المقترحة إلى تنظيم وضع الرؤية الإلكترونية بشكل دقيق كبديل حال تعذر تنفيذ الرؤية في شكلها المعتاد. ثالثًا: حالة الطلاق وصعوبة استمرار الحياة الأسرية بين الزوج والزوجة، الذي يؤدي الى توابع نفسية وعائلية تؤثر على الطفل، رابعًا في حالة الوفاة هي أمر لا يمكن التحكم به وينتج عنه فصل الطفل عن والده، وتؤول الحضانة إلى أقاربه (الجدة) من المرتبة الأولي، وبالتالي يصبح الأب ليس له أولوية لينتج عنه انفصال الطفل عن والده بشكل كلي، (موت وخراب ديار)، على الرغم من ان وجود الأب أمر ضروري في كل مراحل نشئة الطفل. إذن.. فالقانون الحالي وجميع الاقتراحات المتداولة لم تفرق في كيفية التعامل مع الأسرة المُفككة بالطلاق والاسرة التي فقدت الأم بالوفاة أو المرض (على الرغم من أن هذا النوع من الحوادث تمثل شريحة بسيطة)، وهذا أمر في غاية الأهمية ولا يمكن غض الطرف عنه. ومن رأيي الشخصي لابد من ضبط التوازن الذي يمس مستقبل مجتمعنا، وضرورة الحفاظ على ميزان العدل عن طريق النقاشات المستفيضة وسماع جميع الأطراف للحفاظ على حقوق كافة الأطراف وخاصة الأبناء الذين هم نواة المستقبل وتوازنهم النفسي نواة لاستقرار الأمن القومي المصري، وعليه فيجب أيضًا أن تكون التعديلات شاملة ومتكاملة وتراعي الاستثناءات المختلفة التي تعيشها كثير من الأسر المصرية وختامًاً.. أؤكد على أنه لن يتم التصديق على أي قوانين تتعلق بالأحوال الشخصية دون الرجوع إلى الشريعة الإسلامية ممثلة في (الأزهر الشريف)، وذلك وفقًا لأحكام الدستور المصري الذي نص في مادته الثانية على أن "الشريعة الإسلامية هي مصدر التشريع)، وبالتالي فلا يمكن خرق هذه القاعدة في مسألة شديد الأهمية والحساسية مثل قانون الأحوال الشخصية.